البيوتين لتساقط الشعر: هل فعلًا یؤثر البيوتين على الشعر؟

يُعتبر البيوتين واحدًا من المكملات الغذائية الأكثر تداولًا في السنوات الأخيرة بفضل وعوده في تحسين صحة الشعر ومنع تساقطه. يعتبره البعض الحل السحري للتغلب على مشكلة تساقط الشعر، إلا أن الفهم العميق لهذا الفيتامين ودوره في صحة الشعر يتطلب نظرًا علميًا مدققًا. في هذا المقال، سنتناول تأثير البيوتين على بصيلات الشعر وكيف يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تساقط الشعر في حال وجود نقص حقيقي في هذا الفيتامين، مع استعراض الأدلة العلمية والآراء الطبية حول فعاليته في معالجة هذه المشكلة.

ما هو البيوتين وما علاقته بصحة الشعر؟

في السنوات الأخيرة، تصدّر البيوتين لتساقط الشعر قوائم المكملات الأكثر تداولًا بين النساء والرجال على حدٍّ سواء. تظهر على عبواته وعودٌ براقة مثل “شعر أكثر كثافة ولمعانًا في أسابيع قليلة”، لكن خلف هذه الوعود يقف سؤال جوهري: هل البيوتين فعلاً يعالج تساقط الشعر، أم أن الأمر لا يتعدى كونه ضجة تسويقية؟

تعريف فيتامين البيوتين(B7) ودوره الحيوي

من الناحية العلمية، يُعد البيوتين ،المعروف علميًا باسم فيتامين B7 , من أفضل الفيتامينات لنمو الشعر وأحد العناصر الأساسية التي تدخل ضمن مجموعة فيتامينات B المركبة الضرورية لوظائف الجسم الحيوية. يتميز هذا الفيتامين بكونه ذائبًا في الماء، أي أن الجسم لا يقوم بتخزينه لفترات طويلة، مما يجعل من الضروري الحصول عليه بشكل منتظم عبر النظام الغذائي أو المكملات الغذائية. كما تتمثل وظيفة البيوتين الأساسية في تحفيز عمليات الأيض، خاصةً في تحويل الكربوهيدرات إلى طاقة، والمساعدة في استقلاب الأحماض الدهنية والأحماض الأمينية. هذه العمليات الحيوية تؤثر بشكل مباشر على نمو الخلايا وتجديدها، بما في ذلك خلايا الجلد والأظافر وبصيلات الشعر. كما تشير بعض الأبحاث إلى أن نقص البيوتين، رغم ندرته، قد يؤدي إلى جفاف الجلد، ضعف الأظافر، وتساقط الشعر، وهو ما يفسّر ارتباط اسمه غالبًا بصحة الشعر والجمال.

كيف يؤثر البيوتين على بصيلات الشعر؟

تؤدي بصيلات الشعر دورًا حاسمًا في نمو الشعر وقوّته، فهي المركز الذي تبدأ منه كل شعرة رحلتها. ويُعتقد أن البيوتين يساهم في دعم هذه البصيلات عبر تعزيز إنتاج الكيراتين، أيّ البروتين البنيوي الذي يشكّل الأساس في تركيب الشعر.فعندما تكون مستويات البيوتين كافية داخل الجسم، تزداد كفاءة البصيلات في إنتاج شعر صحي وقوي ولامع. أما في حالة النقص، فقد تتباطأ دورة النمو الطبيعية للشعر، مما يؤدي إلى ضعف الخصلات وسقوطها بسهولة. ومع ذلك، فإن الأبحاث السريرية توضح أن البيوتين لا يعمل كمنشّط مباشر لنمو الشعر ما لم يكن الشخص يعاني من نقص فعلي فيه. أي أن فعاليته تكون واضحة فقط في تصحيح حالات النقص وليس في الحالات الطبيعية. لذلك، فإن فهم العلاقة بين البيوتين وبصيلات الشعر يتطلّب نظرة متوازنة تتمثّل في كونه: عنصر داعم ومغذٍّ ضروري، لكنه ليس علاجًا شاملاً لجميع أنواع تساقط الشعر كما تروّج له بعض الشركات.

هل فعلاً يعالج البيوتين تساقط الشعر؟ الأدلة العلمية

تزايدت شهرة البيوتين لتساقط الشعر في السنوات الأخيرة، حتى أصبح من أكثر المكملات مبيعًا في الصيدليات والمتاجر الإلكترونية. لكن قبل الاعتماد عليه كحل لتساقط الشعر، لا بد من العودة إلى الأدلة العلمية لمعرفة مدى فعاليته الحقيقية، ولمن يمكن أن يكون فعلاً مفيدًا.

حالات أثبتت الاستفادة من مكملات البيوتين

تشير بعض الدراسات إلى أن مكمل البيوتين يمكن أن يكون فعالًا لدى فئة محددة من الأشخاص، وهم أولئك الذين يعانون من نقص حقيقي في فيتامين B7. هذا النقص قد يكون نتيجة سوء تغذية، أو أمراض وراثية نادرة، أو تناول أدوية تؤثر في امتصاص الفيتامين مثل مضادات الاختلاج أو الإيزوتريتينوين. في هذه الحالات، أظهر تعويض البيوتين تحسنًا واضحًا في قوة الشعر وكثافته ولمعانه خلال فترة تتراوح بين ٣ إلى ٦ أشهر من الاستخدام المنتظم. كما تم تسجيل حالات سريرية — نُشرت في مجلات مثل Skin Appendage, Disorders وJCAD التي أكدت أن استعادة مستوى البيوتين الطبيعي في الدم أدى إلى وقف التساقط وتحفيز النمو التدريجي للشعر. لكن يجب التنويه إلى أن هذه النتائج تخص فقط الحالات المرتبطة بنقص مثبت مختبريًا، وليس الاستعمال العشوائي للمكملات.

دراسات على أشخاص لا يعانون من نقص

أما بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من نقص البيوتين، فقد أظهرت المراجعات العلمية أن تناول مكملات البيوتين لم يؤدِّ إلى فروق ملموسة في نمو الشعر أو تقليل تساقطه مقارنةً بمجموعة المقارنة (placebo). ففي مراجعة شاملة نُشرت في الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية، تبيّن أن معظم الدراسات التي روجت لفوائد البيوتين على الشعر كانت دراسات صغيرة أو غير محكمة علميًا. أما التجارب السريرية الكبيرة ذات الموثوقية العالية، فلم تثبت أن مكملات البيوتين تمنح فائدة إضافية لدى من يمتلكون مستويات طبيعية منه. بعبارة أخرى، البيوتين ليس علاجًا عامًا لتساقط الشعر، بل هو مكمل علاجي يُستخدم فقط عندما يكون التساقط ناتجًا عن نقصه.

آراء الأطباء وخبراء الجلدية

يتفق أغلب أطباء الجلدية وخبراء العناية بالشعر على أن البيوتين يمكن أن يكون عنصرًا مساعدًا، لكنه ليس الحل السحري كما يتم التسويق له. إذ يؤكد الأطباء أن الخطوة الأولى لعلاج أي نوع من تساقط الشعر هي تشخيص السبب الأساسي الكامن وراء هذا النقص, سواء أكان نقصًا في الحديد، اضطرابًا في الغدة الدرقية، توترًا مزمنًأ، أو عاملًا وراثيًا. في كثير من هذه الحالات. فلن يكون للبيوتين تأثير يُذكر ما لم يُعالج السبب الرئيسي. من جهة أخرى، يوصي الخبراء بالاعتماد على النظام الغذائي المتوازن الذي يحتوي على مصادر طبيعية من البيوتين (مثل البيض، والمكسرات، والبقوليات) قبل اللجوء إلى المكملات. أما في حال وصف الطبيب مكمل البيوتين، فيجب أن يكون ذلك بناءً على تحليل مخبري يثبت الحاجة إليه، مع تحديد الجرعة المناسبة والمدة الآمنة للاستخدام.

كيفية استخدام البيوتين لتساقط الشعر

توصي الهيئات الصحية العالمية مثل المعهد الوطني للصحة بجرعة يومية تتراوح بين 30 إلى 100 ميكروغرام من البيوتين للبالغين الأصحاء. أما الأشخاص الذين يعانون من تساقط الشعر نتيجة لنقص البيوتين، فقد يحتاجون إلى جرعات أعلى، تتراوح عادة بين 1 إلى 5 ملغ يوميًا، حسب توجيهات الطبيب. من المهم عدم تجاوز الجرعة الموصى بها دون استشارة طبية، حيث إن تناول جرعات أكبر قد لا يؤدي إلى تسريع النتائج، بل قد يتسبب في آثار جانبية أو تداخلات مع تحاليل الدم أو بعض الأدوية.

الجرعة اليومية الموصى بها

توصي الهيئات الصحية العالمية مثل المعهد الوطني للصح  بجرعة يومية تتراوح بين 30 إلى 100 ميكروغرام من البيوتين للبالغين الأصحاء. إلا أن من يعانون من تساقط الشعر الناتج عن نقص البيوتين قد يحتاجون إلى جرعات أعلى يحددها الطبيب فقط، وغالبًا ما تكون ضمن نطاق 1 إلى 5 ملغ يوميًا. كما يُنصح دائمًا بعدم تجاوز الجرعة دون استشارة طبية، لأن زيادة الجرعة لا تعني بالضرورة نتائج أسرع أو أفضل، بل قد تؤدي إلى تداخلات غير مرغوبة مع تحاليل الدم أو بعض الأدوية.

أفضل طريقة لتناول البيوتين (مكمل أم طعام؟)

يُعدّ الحصول على البيوتين من المصادر الغذائية الطبيعية الخيار الأفضل والأكثر أمانًا، إذ يوجد بوفرة في أطعمة مثل صفار البيض، المكسرات، الأفوكادو، الكبد، السلمون، والحبوب الكاملة. هذه الأطعمة تمنح الجسم البيوتين ضمن مزيج متكامل من الفيتامينات والمعادن التي تعزز امتصاصه. أما في الحالات التي يُشخّص فيها نقص حقيقي في فيتامين B7، فقد يوصي الطبيب بتناول مكملات البيوتين على شكل أقراص أو كبسولات، وغالبًا تُؤخذ مرة واحدة يوميًا مع الطعام لتحسين الامتصاص وتقليل اضطرابات المعدة. كما يُفضل اختيار المكملات الموثوقة من شركات مسجلة ومعتمدة، وتجنّب المنتجات التي تبالغ في الوعود مثل “نتائج فورية” أو “نمو الشعر خلال أسبوع”، ففعالية البيوتين تتطلب وقتًا واستمرارية.

كم من الوقت يحتاج لرؤية النتائج؟

يختلف ظهور النتائج من شخص إلى آخر تبعًا لسبب تساقط الشعر، حالة الجسم الغذائية، ومدى الالتزام بالجرعة الموصى بها. في معظم الحالات، تبدأ التحسّنات الملموسة بالظهور بعد 3 إلى 6 أشهر من الاستخدام المنتظم، حيث يلاحظ البعض انخفاضًا تدريجيًا في التساقط وتحسنًا في قوة الشعر ولمعانه. لكن من المهم الإشارة إلى أن البيوتين لا يُحدث فرقًا واضحًا إذا لم يكن هناك نقص فعلي في الجسم، إذ يعمل فقط على تصحيح الخلل وليس على تحفيز نمو جديد للشعر لدى الأشخاص ذوي المستويات الطبيعية من الفيتامين.

الآثار الجانبية والتحذيرات

على الرغم من أن البيوتين يعتبر عادة آمنًا عند استخدامه بالجرعات الموصى بها، إلا أنه قد يتسبب في بعض الآثار الجانبية في حال تم تناوله بجرعات عالية أو بشكل غير مناسب. من المهم أن تكون على دراية بالتحذيرات المرتبطة باستخدامه لتجنب أي مضاعفات صحية أو تداخل مع العلاجات الأخرى.

أضرار البيوتين المحتملة

يُعتبر البيوتين آمنًا نسبيًا عند تناوله بالجرعات الموصى بها، ونادرًا ما يُسبب آثارًا جانبية. ومع ذلك، قد تظهر بعض المشاكل عند بعض الأشخاص، مثل طفح جلدي خفيف، غثيان، أو اضطرابات في الجهاز الهضمي.  حيث أنّ الجرعات العالية جدًا قد تؤدي إلى اختلالات طفيفة في توازن الفيتامينات الأخرى، رغم ندرة حدوث ذلك.

تداخله مع التحاليل المخبرية

واحدة من أهم التحذيرات المتعلقة بالبيوتين هي تأثيره على نتائج بعض التحاليل الطبية، خاصة اختبارات الغدة الدرقية أو مستويات الهرمونات والفيتامينات في الدم. إذ يمكن للبيوتين أن يعطي نتائج خاطئة سواء كانت إيجابية أم سلبية، مما يؤدي إلى تشخيص خاطئ إذا لم يعلم الطبيب بتناوله. لذلك يُنصح بإيقاف مكملات البيوتين 48 ساعة(على الأقل) قبل إجراء أي تحاليل مخبرية، أو إعلام الطبيب مباشرة.

من يجب أن يتجنّب استخدامه؟

لا يُنصح بتناول البيوتين دون استشارة طبية في الحالات التالية:

• الأشخاص الذين لا يعانون من نقص في البيوتين ويرغبون في استخدامه كمنشط للشعر.
• النساء الحوامل أو المرضعات دون استشارة الطبيب.
• من لديهم مشاكل في الكبد أو الكلى، أو يتناولون أدوية تؤثر على امتصاص الفيتامينات.

كما يجب الالتزام بالتوجيهات الطبية يضمن الحصول على فوائد البيوتين مع تقليل أي مخاطر محتملة.

متى لا يكون البيوتين كافيًا؟ بدائل فعّالة

في بعض الحالات، قد لا يكون البيوتين وحده كافيًا لمعالجة تساقط الشعر، خاصة إذا كان السبب وراءه مشاكل صحية أخرى مثل اضطرابات الغدة الدرقية، داء الثعلبة، أو التوتر المزمن. في مثل هذه الحالات، قد يحتاج الشخص إلى علاج متكامل يشمل مكملات غذائية أخرى أو العلاجات الطبية المتخصصة. سنستعرض الآن البدائل الفعّالة التي يمكن أن تدعم صحة الشعر جنبًا إلى جنب مع البيوتين.

حالات تساقط لا يعالجها البيوتين

لا يُعد البيوتين علاجًا شاملًا لتساقط الشعر في جميع الحالات. ففي كثير من الأحيان يكون السبب وراء التساقط هرمونيًا أو وراثيًا، مثل حالات الصلع الوراثي أو اضطرابات الغدة الدرقية. كما أن التوتر المزمن، بعض الأدوية، أو الأمراض المزمنة مثل السكري قد تتسبب في فقدان الشعر، وفي هذه الحالات لن يكون للبيوتين تأثير كبير ما لم يُعالج السبب الأساسي.

أفضل المكملات الأخرى للشعر

هناك عدة مكملات غذائية أثبتت فعاليتها في دعم صحة الشعر، خصوصًا عند الأشخاص الذين لا يستجيبون للبيوتين وحده. من أبرزها:

1. الحديد والزنك: ضروريان لتكوين كريات الدم الحمراء ونمو الشعر.
2. فيتامينات مجموعة B الأخرى: مثل B12 وحمض الفوليك، التي تساهم في تغذية بصيلات الشعر.
3. الكولاجين: يساعد على تحسين مرونة الشعر ومتانته.
4. الأحماض الدهنية أوميغا 3: تدعم فروة الرأس وتقلل من الالتهابات.

دور التغذية ونمط الحياة

بالإضافة إلى المكملات، يلعب النظام الغذائي المتوازن ونمط الحياة دورًا كبيرًا في صحة الشعر. يُنصح بتناول بروتينات كافية، خضروات وفواكه غنية بالفيتامينات والمعادن، شرب كمية كافية من الماء، والابتعاد عن التوتر النفسي والإجهاد المستمر. ممارسة الرياضة بانتظام وتحسين نوعية النوم يساهم أيضًا في دعم نمو الشعر وتقويته.

الخاتمة

في الختام، يمكن القول أن البيوتين يعد خيارًا فعّالًا لتحسين صحة الشعر وتقليل تساقطه، خاصةً في حالات نقصه. لكن من المهم أن نتذكر أن النتائج تختلف من شخص لآخر، وقد لا يكون البيوتين كافيًا إذا كانت الأسباب الأخرى وراء تساقط الشعر تتعلق بحالات صحية معينة. قبل البدء في استخدام المكملات، يفضل دائمًا استشارة الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة والتأكد من عدم وجود تداخلات مع أدوية أخرى أو حالات صحية خاصة. وفي النهاية، اتباع نمط حياة صحي والتغذية المتوازنة يلعب دورًا مهمًا في دعم صحة الشعر بشكل عام.